شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
محاضرات بعنوان: عناية السلف بالحديث الشريف
14812 مشاهدة
ابن عباس يتلقى الحديث عن الصحابة

ومنهم من أخذ من الصحابة. ذكر ابن عباس أنه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الصحابة متوافرين يقول: قلت لشاب من الأنصار: هلم فلنتتبع الصحابة، ونأخذ منهم الأحاديث التي عندهم فإنهم الآن متوافرون. يقول: فقال لي: عجبا لك يا ابن عباس أتظن أن الناس يحتاجون إليك وفيهم الصحابة مجتمعون؟ قال: فتركته وصرت أتتبع الصحابة؛ آخذ ما عندهم من الأحاديث. يذكر لي الحديث عند أحدهم من المهاجرين أو من الأنصار فآتي إليه، وأطرق إليه الباب فيقولون: إنه نائم في وسط النهار؛ في القيلولة فأجلس عند بابه؛ تسفي الريح في وجهي في حر الشمس حتى يستيقظ، فإذا خرج ورآني قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. هلا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: العلم أحق أن يؤتى إليه فما زلت كذلك. يقول: فبعد مدة كنت أجلس للحديث؛ رآني ذلك الشاب الذي كان في سني فقال: أنت أفقه مني. يعني: رآني وإذا هو جاهل لا يحفظ شيئا، ولم يروِ شيئا مما كنت قد حفظته.
هكذا جاء في هذا الحديث ابن عباس رضي الله عنهما يمكن أنه ما حفظ من النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلا؛ نحو عشرين حديثا البقية أخذها من الصحابة. روى نحو ألفين من الأحاديث المرفوعة حفظها.